حمدا لمن بيده زمام الأمور،حمدا لمن هتك ظلمات الضلالة بالنبي العدناني،أنزل عليه القرآن ،بالهداية والبيان وأرسله بإيضاح البيان،فكشف مكنون المعاني ببديع بيانه وفصاحة لسانه إذا أراد أمرا فإنما يقول له: كن فيكون،فسبحانه تقدست أسماءه،وجلت صفاته.
وبعد:
مسآؤكم / صبآحكم ورود منثورة تغشى
أروآحكم ...مسآؤكم / صبآحكم أيآت فرح تستوطن
أنفسكم ... مســــــــاؤكم سعادة
تثلج الصدور...
مســــــــاؤكم فرح
يبهج القلوب...
مســــــــاؤكم حــــــب ،
مسك، عطر، عنبر...
تحية طيبة للجميع ، ...
ساعة الكوكو
تعتبر القصص الخمس ساعة الكوكو ، وسنتها الجديدة والعاقر والذخيرة وسعادة البيك أقرب إلى الحواديث منها إلى القصص القصيرة، ولعل عنوان الكتاب كان ما كان خير دليل على ذلك، إذ تمثل كل واحدة منها حدوثة ، تصلح لأن تروى في الأماسي ، للأطفال أو لفئة من الناس ذوي مستوى تعليمي متوسط ، يقصد من ورائها تصوير العادات والممارسات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تسود في لبنان خصوصا في بدايات القرن العشرين .
فالحدوثة الأولى التي جاءت على شكل رسالة أرسلها أحد الناس للكاتب أو تخيل الكاتب حدوثها، تدور حول قيم الشرف والإخلاص ومساعدة الآخرين، كما تجلت عند أحد المهاجرين اللبنانين العائدين إلى الوطن، وقدرته على محاولة مصادقة جميع أهل القرية، ونيل احترامهم، وبعده من التعصب الديني لإحدى الكنيستين ، ومن الرسالة ذاتها تتولد رسالة أخرى أو حدوثة أخرى ، عن مهاجر عاد ففعل ماهو نقيض فعل الرجل الأول مستر طمس، إذ أغرى إحدى الفتيات التي كانت مخطوبة لفتى تحبه بترك هذا الخطيب والزواج منه ، كل ذلك بفعل تلك الساعة التي كان يخرج منها عند تمام الساعة طائر يعلن الوقت بعد صيحاته كوكوكوكو مما يضطر المحب إلى هجر الأرض الطيبة والأسرة ، للهجرة الى الغرب ، وينال مراده في تجميع المال والثراء، ولكنه يفشل على صعيد الحب والزواج ، ويلتقي بمحبوبته الأولى، وهي في حالة يرثى لها ، بعد فوات الأوان.
كل ذلك أداه ميخائيل نعيمة بأسلوب ملىء بالتصوير والوصف والتأمل بل وحشد فيه كثيراً من الأمثال والعظات والأقوال السائرة والأمثال والخطابة في بعض الأحيان، وبإبداء الحكم والأراء الفلسفية وتصوير الحالات النفسية والانفعالات اللينة والشديدة أحيانا بل وحشد كثيراً من الإشارات الدينية المسيحية: الأديرة ، والسيدة العذراء ورجال الدين، والأمثال والأقوال الشعبية، واللجوء إلى المقارنة بين طرائق كسب الرزق في الشرق والغرب.
وقد لجأ ميخائيل نعيمة إلى أسلوب المفاجأة والمصادفات الغريبة في القصة الأولى من أجل أن يظهر البطل اللبناني خطار بالصورة اللائقة وأنه مازال وفيا لمحبوبته الأولى، التي أغراها المغترب بتركه ، فهي تعود إلى خطار في نهاية القصة ، تنتهي القصة بالتأم شملهما ، بطريقة لا تقنع القارىء بإمكانية حدوثها.سنتها الجديدة
أما القصة الثانية سنتها الجديدة
فتصور بلدة لبنانية غاية في جمال نسائها، ومشروباتها، ومنتجاتها الطبيعية وحياة شيخها ووجيه أهلها أبو ناصيف.
يصور نعيمة حياة أهل القرية وعاداتهم الاجتماعية والشعبية، لكن المشكلة التي تثار في الحدوثة، أن أبا ناصيف قد رزق بعدد كبير من البنات، وانه يرغب في طفل يرثه ويحمل اسمه. وأبو نصيف لا يرى ـ كما يرى أهل لبنان ـ أن البنت كالولد فهي لاتحمل اسم الأب في رأيهم ـ كما يحمل الولد.
لذا فالرجل يستعين بالعذراء وبمار الياس أن يهباه ولداً ويصور نعيمة في القصة انتظاره لحظة ولادة مولود جديد للرجل. وكيف كان يخرجه ـ أحياناً ـ انتظاره لحظة الميلاد، التي كان يتمنى أن يكون المولد ذكراً لا أنثى، عن مكانته الدينية إلى درجة تقترب من الكفر، وأنه في النهاية لما علم بأن المولود أنثى أخذه لتوه، ودفنه حيا بيده، وادعى أن المولود كان ذكراً لكنه ولد ميتا .
ولعل نعيمة يوحي في نهاية القصة بأن أبا ناصيف وهو أحد رجال الدين المسيحي، قد ارتد عن دينه بعد تلك الحادثة!
كل ذلك جاء بأسلوب أقرب إلى الفكاهة منه إلى الجد، فيه مرارة وسخرية من العادات الاجتماعية والتقاليد الموروثة لدى بعض طبقات المجتمع المسيحي.
وهذه القصة التي بدت أقرب إلى البناء القصصي المتكامل، حيث بدأ الحدث فيها مع لحظة وجود رجل في مكانة أبي ناصيف، صاحب مكانة دينية واجتماعية، ومع ذلك فلن يجد من يرثه لأن خلفه، كله بنات سبع بنات ، وفي لحظة ولادة المولود الثامن له، كان أبو ناصيف كان هائجا غير متزن، ينتظر أن تضع زوجته ولداً ذكراً ، وفي انتظار هذه اللحظة يعيش لحظات موزعة بين الحلم والواقع، فهو لا يريد أن يسمع إلا أن زوجته قد وضعت ابنا، وأن القابلة ستخبره بذلك ، حتى الصور التي على الحائط للقديسين واللصوص قد انقلبت إلى صور طفل صغير هو ابنه الذي سيولد، لكن آماله تذهب مع الريح، عندما يكون المولد بنتاً ، فيبادر إلى حملها إلى المقبرة ليدفنها حية.
يصور نعيمة في هذه القصة بعضا من جوانب تفكير الناس في بلاده في بدايات القرن العشرين ، ويستعمل في ذلك أساليب عديدة منها السرد والوصف والحوار وإظهار الدهشة ، ويستعمل لغة سهلة واضحة أقرب ما تكون إلى لغة الشعب التي يستخدمونها في حياتهم اليومية.
ولا يخلو أسلوبه من التعريض بالمعتقدات الاجتماعية والعادات البالية التي تسيطر على المجتمع العربي واللبناني بشكل خاص.العاقر
أما القصة الثالثة العاقر: فهي تعالج موضوعاً اجتماعيا، حاضر الوجود في المجتمع العربي. حيث لا يكفي أن يعيش الزوجان سعيدين ، وبخاصة إذا توفرت لهما الظروف المادية والنفسية المريحة، حيث أن المجتمع لا يكتفي بذلك، بل يلزم لاكتمال السعادة أن وجود الأولاد ضروري لاتمامها.
يتزوج عزيز من جميلة ، ويعيشان حياة كلها هناء، ولكن الصدمه تقع على الأسرة كلها: أسرة الزوج والزوجة عندما يتأخر موعد حمل الزوجة وعند هذا الحد ينقلب كل شىء ضدها, وتسحب منها كل الامتيازات التي منحت لها ، لأنها غير قادرة على إنجاب وريث لزوجها وأهله ـ القصة تكاد تكون قربية في المغزى من القصة السابقة ـ وتذل المرأة وتضطرها حماتها إلى مراجعة أطباء كثيرين ، بل وعرافيين ومشعوذين وسحرة ، وأخيراً تلجأ إلى الكنائس والأديرة ، وحتى تلبي رغبة الأهل ، تضطر أن تحمل عن طريق الزنا، وعندما يشعر الأهل بحملها ، تعود لها مكانتها الأولى. ولكنها لا تطيق ذلك فتلجأ إلى الانتحار، وتخبر زوجها بذنبها عن طريق رسالة، تتركها له.
يظهر في القصة كثير من المبالغة في وصف جمال العروس والعريس ، وفي حفلة العرس، والمآدب التي أقيمت بالمناسبة، ومبالغة في اهتمام أم العريس الشديد بالحرص على راحة الزوجة الجديدة الغزل الذي يتبادله الزوجان، ولكن هذا الحب الملتهب يبدأ بالفتور بعد أن تمر على العروس سنة دون أن تحمل.
ويزداد الوضع سوءاً ، عندما تمر عشرة أعوام على زواجهما دون أن يرزقا بمولود. فتتحول الحياة في البيت إلى جحيم ، وتغيب كلمات الحب والمجاملة وتحل محلها ممارسات هي نقيض لها. فكل ما حول الزوجة يطالبها بالمولود ، وكأنها مسؤولة عن التقصير في هذا المجال . وعندما تحمل تعود صور المجاملة إلى عهدها السابق مع أن الحمل كان عن طريق غير شرعي . وفي لحظة صحو الضمير عند الزوجة جميلة ، وشعورها بالغربة عن جميع الناس ، تنسحب وتنتحر بعد أن تكتب إلى زوجها رسالة مطلولة .
حمل ميخائيل نعمية الرسالة المطولة التي تركتها جميلة لزوجها أموراً كثيرة حتى جاءت على شكل مفتعل ، كان من الممكن أن تواجه به الزوج والأسرة ، وكل الناس ، وأن تعترف بأن العقم يمكن أن يكون من الزوج أو يكون سببه الزوجه . لكن هكذا أراد نعيمة أن يتعاطف معها ، ويجعل القراء يتعاطفون معها على الرغم من كونها زانية، إلا إنها ضحية أهلها وضحية مجتمعها.
كالعادة يستعمل نعيمة في قصصه أو حوداثيه ، لغة تمثل الأشخاص الذين يتحدثونها، تساير ثقافتهم وعاداتهم ولا يترك نعيمة أي لفظة أو صفة تلزم شخوصه في القصة إلا ويستخدمها ، حتى لو كانت عاميه، أو لغة دارجه عند الناس حيث تمتلىء القصة بالألفاظ العامية المستعمله في المجتمع اللبناني مثل قرقوري ، ويلي ويلي، ليتك تقبرين حماتك إن شاء الله . وغيرها من الألفاظ التي جاءت منسجمة مع البناء اللغوي . ولعل لجوء نعيمة إلى أسلوب الرسالة في القصص الثلاث، قد جعل من القصص الصغيرة أو الحواديث ، قصة داخل قصة !
يتبــــــــــــــ...ـــع... سلااااااااامي للجميع ...
لا تنسوني من دعاءكم…
و في الختاام تقبلوا تحياات Chafik.Dz