(الحراقة)...الهروب من الوطن أم من الواقع
أصبح الوصول إلى الضفة الأخرى أمنية أغلبية الشباب الجزائري حلم راود تلك الفئة الطويلة فالصق به لقب الحراقة قبل سنوات لم تكن هذه الكلمة موجودة في قاموس الشارع الجزائري غير أنها أصبحت كلمة رئيسة لدى أكثرية الفئات الشابة ....الحراقة مصطلح عامي أطلق على مجموعة من الشباب الذين يفرون من الوطن عن طريق ما يسمى بالهجرة غير الشرعية السرية في قوارب تنقلهم إلى الجهة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط أو ترمي بهم عرضه دون رحمة ..
كابوس البطالة الفقر الظروف المعيشية الصعبة ، المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها من الأسباب دفعت الشباب لحرق أوراق هويته متجها إلى أوروبا عن طريق البحر معتقدا أن حياة وردية تنتظره هناك في حين ليس هناك حياة سوى التسكع في الشوارع و النوم في الغابات و التسلل إلى القرى و البوادي بحتا عن العمل في المزارع.
الهجرة لم تعد مقتصرة على الشباب الأمي فقط بل طالت أيضا خرجي الجامعات و في سابقة فريدة من نوعها و صلت مند أسابيع قليلة 16 فتاة جزائرية إلى السواحل الاسبانية عن طريق الهجرة غير الشرعية.
شبكات الهجرة غير الشرعية والتي تنتشر عبر السواحل الجزائرية لاصطياد الشباب الراغب في الحرقة تجبر هؤلاء على دفع مبالغ خيالية و طائلة مقابل مقعد في زوارق مطاطية تكون أغلبها مخربة فحسب شهادات الذين فشلوا إلى الوصول أوروبا حيث تبيعهم قوارب معطلة بمحركات غير صالحة سرعان ما تقف بهم في عرض البحر .
دوريات حرس السواحل أصبحت تكثف جهودها لتقمع قوارب الهجرة السرية التي تحمل معها الجزائريين بعض لأشقاء المغاربة أو حتى بعض الأفارقة القادمين من عمق القارة السمراء و رغم نجاح العديد من الشباب في الوصول إلى اسبانيا إلا أن الكثيرين فشلوا في الذهاب فأما تستدركهم دوريات حرس السواحل فتعديهم وإما تتعطل بهم القوارب فيبتلع البحر بعضهم هنيهة ثم يلفضه جثة هامدة و يعود البقية سباحة إلى الشواطئ الجزائرية .
بند جديد أضافه القانون الجزائري يقضي بـ"تجريم الهجرة السرية"التي أصبحت الملف الأثقل على عاهل الحكومة و الذي أصبح يقلق السلطات و يسبب لها حرج شديد أمام جاراتها الأوروبية ، في نفس الوقت شنت مجموعة من نواب المجلس الشعبي الوطني حملة ضد تجريم الهجرة السرية و تجريم المهاجرين السرين ونادوا بضرورة الوقوف إلى جانب الحراقة و ضمان العيش الكريم لهم بدل تجريمهم .
قوافل الهجرة غير السرية مازالت تغادر في سرية حين قامت الحكومة الايطالية مؤخرا بالعادة 54 مهاجر سريا إلى الجزائر وهذا و تبقى اللحظة الأكثر إيلاما في يوميات الشباب وقوفهم على شاطئ متأملين الجهة الأخرى و لسان الحال يقول "أين المفر البحر أمامكم و الوطن من خلفكم"
و هذا تعتبر الهجرة غير الشرعية أو السرية ظاهرة عالمية موجودة في كثير من دول العالم خاصة المتقدم لكن الهجرة إلى أوروبا أصبحت إحدى القضايا المزعجة التي تحظى باهتمام كبير في السنوات الأخيرة فالبرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة إلا أن الدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب ويتضح ذلك من تابين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين و التي تشهد غالبا افتقار لعمليات التنمية و قلة فرص العمل و انخفاض الأجور و مستويات المعيشة و ما يقابله من ارتفاع من مستوى المعيشة و الحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين.
و يلخص ذلك مقولة رئيس وزراء الأسبق الشهيرة "لو كنت مواطنا من دول الجنوب لغامرت أكثر من مرة حتى الوصول إلى أوروبا" حجم هذه الظاهرة في بعض دول شمال إفريقيا يصعب تحديد حجم الهجرة غير الشرعية نظرا لطبيعة غير الرسمية لهذه الظاهرة .
و غالبا ما تتفاوت التقديرات التي تقدمها الجهات المختلفة لأعداد المهاجرين و تقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما بين 10% - 15% من المهاجرين في العالم والبلاغ عددهم حسب التقديرات الأخيرة لمنظمة الأمم المتحدة حوالي 180 شخص و حسب منظمة الهجرة الدولية فان حجم الهجرة غير الشرعية وغير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل إلى نحو 1.5 مليون فرد . أما الهجرة الشرعية فقد ذكرت جامعة الدول العربية في تقرير لها حول الهجرة المغاربية إلى أوروبا خلال الأربع الأشهر الأولى من عام 2005 أنه في عام 2004 شهدت الجالية التونسية بالخارج زيادة بلغت 6.2% مقارنة بعام 2002 ليصل عددهم إلى 701.660 ألف مهاجر ..58% منهم في فرنسا وحدها و أعلنت وزراة الشؤون الاجتماعية و التضامن التونسية أن عدد العاطلين في الجالية التونسية بأوروبا يبلغ حوالي 123 ألف فرد بنسبة 28% في فرنسا 45%في بلجيكا و تشير إحصاءات غير رسمية إلى أن الجالية المغربية في إيطاليا تبلغ حوالي 300ألف شخص .