السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الْحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ نِبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، أَمَّا بَعْدُ :
فلئن كان الذَّهاب للبحر عادة أهل المناطق السَّاحليَّة البحريَّة ، والذَّهاب للرِّمال والطُّعوس المرتفعة عادة أهل المناطق الرَّمليَّة ، فإن الذَّهاب للمرتفعات الجبليَّة من عادتنا التي نقوم بها عند طلب تغيير الجوِّ وتعديل المزاج المضطرب .
الجبال الرَّاسيات ، من الآيات البيِّنات ، والدَّلائل الواضحات ، على عظمة وإبداع ربِّ الأرض والسَّماوات ((أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18 ) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ))
الجبال موعظة للمتكبِّرين ، الذين يمشون في الأرض منتفخين (( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا )) .
الجبال تسبِّح الجبَّار (( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ )) ، (( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ))
الجبال لا ترضى بالتَّعدِّي على الواحد القهَّار (( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88 ) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) ))
لو نزل القرآن على جبل لخشع وتصدَّع ((لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) ))
إذن لا تلومونا في حُبِّ الجبال ، ولا تسخروا مِنَّا إذا كتبنا ذكرياتنا الجميلة معها ، ولا تستغربوا مِنْ إصرارنا على العيش في أعاليها ، فالصُّقور لا تعيش إلاَّ في الأماكن العالية .
كلمات أحببت أن أُطيِّب بها خواطر إخواني الذين يعيشون في المناطق الجبليَّة ، ولم أُرد أن أتوسَّع فيها ، حتى لا ينقلب الموضوع إلى خاطرة أدبيَّة ، بدل صور الإبداع الرَّبَّانيَّة .
هذه صور التقطتها في وقتين متفرقين للقمِّة الجنوبيَّة الشَّامخة " جبال شدا " التي تُظْهِر عظمة الخالق ، وإبداعه وحُسن صُنْعِه
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان :
شَدَوَان : بلفظ تثنية شَدَا يشدُو إذا غنى وهو بفتح الدال.
موضع. قال نصر الشَدَوانِ جبلان باليمن وقيل بتهامة أحمران وقيل بضم النون وإنه جبل واحد.
قال بعضهم:
مبردة باتت على شدوَان
وقال يعلى الأحول الأزدي وهو لصقٌ محبوس:
أرقتُ لبَرقٍ دونه شدوانِ ... يمانٍ وأهوَى البرق كل يمانِ
إذا قلتُ شيماه يقولان والهوَى ... يصادف منا بعض ماتريانِ
فبتُ أرى البيت العتيق أشيمه ... ومطوايَ من شوق له أرقانِ